المساهمون

المتابعين

الأحد، 12 يناير 2014

التسميات:

الإيمان هو الحل

الإيمان هو الحل


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الإيمان هو الحل (1/2)


إن المتطلع لأحوال مصر الآن يجد العديد من المشاكل التي خلّفها النظام 
البائد من فساد قد غمر البلاد وفاض في كل مؤسسة صغيرة أو كبيرة ، كذلك يجد 
السلوكيات المذمومة والتي انتشرت في مجتمعنا من فساد أخلاقي وانهيار للقيم ،
وتفشي ظواهر البلطجة وتجارة المخدرات ، هذا فضلاً عن واقع تعليمي مؤلم 
بعيد كل البعد عن واقع الحياة ، ونهضة البلاد ، اقتصاد منهوب ، وسياسة 
فاشلة في التعامل حتى مع الجيران ، هي تركة محملة بسنين من الضياع 
والاضمحلال والانحلال والانهيار على مستوى الحياة .
ومنذ أن منّ الله 
علينا بثورة الخامس والعشرين من يناير فاضت الأفكار ، وتعددت الرؤى الداعية
للإنقاذ والانتشال من هذا النفق المظلم ، أطروحات وأفكار كثيرة ومتميزة ، 
شيدها الكتاب والمفكرون والخبراء تظهر فيها الغيرة الشديدة على هذه البلاد ،
والحرص على عودة الحياة من جديد .
ولكني أتصور في هذه الأطروحة 
الصغيرة أن أي تغيير حقيقي لابد أن ينشأ من داخل الإنسان ، فالإنسان هو 
مصدر النهضة والوسيلة الفاعلة في التغيير والعودة إلى هذه الحياة من جديد .

ولكن يبقى السؤال : تُرى ما الذي يضع للإنسان القواعد الأخلاقية السليمة ؟
وما الذي يحدّد للإنسان سلوكه المستقيم ؟ ويرسم له طريقاً موصلاً إلى غاية لا عوج فيه ؟ ويدفعه إلى السير لنهضة أمته ومجتمعه ؟ 
هل هو القانون ؟
أم هي الفلسفة الأخلاقية ؟ 
أم هو الدين ؟ 

وتأتي الإجابة الحاسمة من الدعاة والمصلحين ، يقول الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه (الدين) :
" لا قيام للحياة في الجماعة إلا بالتعاون بين أعضائها ، وهذا التعاون 
إنما يتم بقانون يُنظِّم علاقاته ، ويحدِّد حقوقه وواجباته . وهذا القانون 
لا غِنَى له عن سلطان نازع وازع ، يكفل مهابته في النفوس ، ويمنع انتهاك 
حرماته ، ونقرر أنه ليس على وجه الأرض قوة تكافئ قوة التدين ، أو تدانيها 
في كفالة احترام القانون وضمان تماسك المجتمع ، واستقرار نظامه ، والتئام 
أسباب الراحة والطمأنينة فيه . إن الإنسان يساق من باطنه لا من ظاهره ، 
وليست قوانين الجماعات ولا سلطان الحكومات بكافيين وحدهما لإقامة مدينة 
فاضلة تُحترم فيها الحقوق وتؤدى الواجبات على وجهها الكامل ، فإن الذي 
يؤدِّي واجبه رهبة من السوط أو السجن أو العقوبة المالية ، لا يلبث أن 
يهمله متى اطمأن إلى أنه سيفلت من طائلة القانون ، ومن الخطأ البين أن نظن 
أن في نشر العلوم والثقافات وحده ضماناً للسلام والرخاء وعوضاً عن التربية 
والتهذيب الديني والخلقي ، ذلك لأن العلم سلاح ذو حدين يصلح للهدم والتدمير
، كما يصلح للبناء والتعمير ، ولابد في حسن استخدامه من رقيب أخلاقي يوجهه
لخير الإنسانية وعمارة الأرض لا إلى الشر والفساد ، ذلكم الرقيب هو ( 
العقيدة والإيمان ) .

لقد انتشرت عادة السكر وشرب الخمور انتشاراً 
واسعاً أقنع الحكومة الأمريكية بضرر ذلك على الفرد والأسرة والمجتمع ، 
فأصدرت الحكومة قانوناً يمنع الخمر ، ففي حوالي عام 1918 ثارت المشكلة في 
الرأي العام الأمريكي ، وفي عام 1919 أدخل الدستور الأمريكي تحت عنوانه : "
التعديل الثامن عشر " أيد هذا التعديل بأمر حظر ، أطلق عليه التاريخ قانون
" فولستد " .

وقد أعدت لتنفيذ هذا التحريم داخل الأراضي الأمريكية كافة وسائل الدولة وإمكاناتها الضخمة :
1- جنِّد الأسطول كله لمراقبة الشواطئ ، منعاً للتهريب .
2- جُنِّد الطيران لمراقبة الجو .
3- شُغلت أجهزة الحكومة واستخدمت كل وسائل الدعاية والإعلام لمحاربة الخمر
وبيان مضارها ، وجُنِّدت كذلك الصحف والمجلات والكتب والنشرات والصور 
والسينما والأحاديث والمحاضرات وغيرها ، وقد صرفت الدولة في الدعاية ضد 
الخمر ما يزيد عن ستين مليوناً ، وأن ما أصدرته من كتب ونشرات يبلغ عشرة 
بلايين صفحة ، وما تحملته في سبيل تنفيذ قانون التحريم في مدة أربعة عشرة 
عاماً لا يقل عن مائتين وخمسين مليون دولار ، وقد أعدم في هذه المدة 
ثلاثمائة نفس ، وسُجن 335و532 نفس ، وبلغت الغرامات أربعمائة مليون وأربعة 
ملايين دولار ، ولكن كل ذلك لم يزد الأمة الأمريكية إلا غراماً بالخمر ، 
وعناداً في تعاطيها ، حتى اضطرت الحكومة سنة 1933 إلى إلغاء هذا القانون ، 
وإباحة الخمر إباحة مطلقة . 
لقد فشل القانون ، وعجزت السلطات ، وأفلست
أجهزة الدولة ، في منع الخمر ومحاربة السكِّيرين ، برغم الاقتناع العقلي 
الذي كان سائداً في الأمة بضرر الخمر ، ولكن الاقتناع شيء ، وعمل الإرادة 
شيء آخر .

ولقد قال أحد الكتاب الغربيين بحق :
" إن طلب شيء في
تصميم وقوة يتطلب روحاً في التعبد والتقشف ، أي تكريس الحياة لبلوغ مثل 
أعلى واحد ، اختاره الإنسان بعناية وتفطن .. إن الإرادة تغلب دائماً 
الثقافة ، حينما تكون الثقافة لا المبادئ الدينية هي التي يركز عليها تصميم
المرء ونشاطه ومدده الروحاني ". وللحديث بقية إن شاء الله تعالى .

إعداد /
حسام العيسوي إبراهيم 
h_sneed79@yahoo.com



الإيمان هو الحل (2/2)


الإيمان بالله عزوجل هو الأمل لحل كل المشكلات التي عصفت بمصرنا الحبيبة ،
فلن يستطيع أي قانون أو تشريع مهما كانت قوته وحده أن يحل هذه المشكلات ، 
فنحن نحتاج الآن إلى منهج علمي دقيق يقوم على أساس الإيمان وكيفية تعميقه 
في نفس الإنسان حتى يتسنى لنا حل هذه المشكلات .
وهذه بعض الأطروحات التي أتمنى من الله عزوجل أن تكون عوناً لنا في نهضة مجتمعنا ، والقضاء على مشكلاته .

1- التعليم 
إن أي نهضة حقيقية تبدأ من الإنسان ، الاهتمام به ، تنمية فكره ، العمل 
على الارتقاء بمستواه في كل مجالات حياته ، وإن التعليم هو من أول المداخل 
التي بها يتم تغيير الإنسان ، وتنمية سلوكه إلى الأفضل ، ويتم ذلك عن طريق 
إعداد سياسة تعليمية محددة الأهداف والمعالم ، تقوم أول ما تقوم على ترقية 
الإنسان من حيث علاقته بالله عزوجل ، وتنمية قدراته ومهاراته النافعة لنفسه
ولمجتمعه .
نحتاج مناهج تعليمية متوافقة مع العصر ، ومتوافقة مع 
المجتمع الذي نعيش فيه ، كذلك لا تغفل تراثنا الإسلامي العظيم ، وبهذا نكون
أصحاب فكرة مستقلة ومنهج متميز يمد الإنسانية والعالم بكل خير .
لابد 
أن يكون موقفنا في التعليم قائماً على الشراكة الحقيقية بين المنتجات 
التعليمية على مستوى العالم ، ولا تكون قائمة على التبعية المطلقة لكل ما 
يخلفه لنا الغرب من معارف ومعلومات .
ربط التعليم بأساسيات المنهج 
الإسلامي من حيث تصور الإسلام للإنسان ، فهو خليفة الله في أرضه ، والقائم 
على تعمير هذا الكون ، والله عزوجل سخر له كل من فيه ، فالإنسان مأمور بنشر
الخير في العالم الذي يعيش فيه ، وأن تقوم علاقته مع غيره على أساس الحب 
فكلنا لآدم وآدم من تراب .

2- السياسة والحكم 

فما بالنا لو أن حاكماً استشعر أنه محاسب على تقصيره في حق رعاياه ، 
واستشعر أنها أمانة في عنقه وأنه مسئول أمام الله عن هذه الأمانة .
وما
بالنا لو استشعر الشعب أنه أيضاً أمين على هذا الرئيس ، فهم مسئولون مثله ،
ومكلفون بإبداء النصح والإرشاد لهذا الرئيس ، وأنها أمانة في أعناقهم أن 
لا يعطونها إلا لمن يستحقها .
وما بالنا لو أن الضمير المؤمن هو الذي 
يحكم الرئيس والقاضي ، فلن يحاول هذا الرئيس أن يتخذ القوة أو يؤثِّر على 
القاضي ليحكم في صالحه ، ولن يحاول القاضي ذو الضمير المؤمن أن يطوَّع 
النصوص إرضاء لأميره فالشرع سيد على الجميع : الرئيس والشعب ، والمسلم 
والنصراني سواء .

3- الاقتصاد 

الاقتصاد عماد الحياة ، ولكن السؤال : ما الذي جعل المسئولون السابقون 
ينهبون كل هذه الثروات ، بل إنك لا تكاد ترى فيهم شريفاً واحداً إلا من رحم
ربي .
أعتقد أنه هو غياب الإيمان من قلوبهم ، وعدم استشعار أنهم 
مسئولون أمام الله عزوجل ، كما أني أعتقد بأن رضا الناس بواقعهم ويأسهم من 
الإصلاح أسهم في تفاقم هذه المشكلة ، فاليأس ضد الإيمان بالله .
ما 
بالنا لو أن كل مواطن لم يسكت عن حقه في أي مصلحة أو حتى في أي وسيلة 
مواصلات إذا كان له حق عند السائق ، أو له حق يخاف المطالبة به عند رئيسه ،
أعتقد لو أن كل إنسان استشعر أنه مسئول أمام الله عزوجل عن هذا المال فلن 
يضيع جنيه واحد ، ولن يوضع في غير موضعه .

4- السلامة والأمن 

الأمن نعمة من الله عزوجل ، لا يستشعرها إلا من غابت عنه ، ولن يستطيع 
الإنسان العيش بدونه ، والإيمان بالله عزوجل يوطِّد لنا هذا الأمن ويجعله 
واجب على الجميع أن يحققه لنفسه ولغيره ، فهو أمانة على كل إنسان يملكه أن 
يوفره لغيره ممن لا يملكه .
نؤمن جميعا لو أن هناك منهج إيماني حقيقي 
يتم نشره وتعليمه لأفراد المجتمع ، فلن نجد سارق ، ولن نجد بلطجي ، إن غياب
هذا المنهج حوّل الحياة إلى غابة ينهش بعضها بعضاً ، ويتصرف كل فرد فيها 
في مال غيره على أنه حق مكتسب له .
أوجز القول أن الإيمان هو الحل لكل 
مشكلاتنا الحياتية ، ولابد أن تتضافر الجهود جميعاً لإرساء معالمه وقيام 
أسسه ، فهو الملجأ والملاذ الوحيد لهذه الأمة ، وهو إذ يبدأ من الفرد 
بإصلاح علاقته بربه ، ودعوة غيره إلى الطريق المستقيم ، أوقن بأن ذلك هو 
الحل ، ولن يوجد حلاً آخر ، فلا نريد أن نضيع جهودنا سنين طويلة تكلفنا 
الكثير نجري فيه وراء مناهج لا تنفع لمجتمعنا ولا لإصلاح أمتنا فالإيمان هو
الحل . 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة @ 2013 مدونة اسلامية.

Designed by Templateism